مؤتمر 'القدس عاصمة تحت الاحتلال' يدعو لوضع إستراتيجية لمقاومة تهويد المدينة
أكد مشاركون في مؤتمر 'القدس عاصمة تحت الاحتلال' على أن مقاومة الإستراتيجية الإسرائيلية في تهويد القدس، تقتضي العمل وفق إستراتيجية سريعة ومضادة تستند إلى أسس وقواعد لتحقيق الحد الأدنى في ظل الظروف الحالية الصعبة.
وأشار المشاركون في المؤتمر الذي عقدته الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، بمدينة رام الله اليوم، بمشاركة رجال دين مسيحيين ومسلمين ويهود، إلى انه لا بد أن تستند هذه الإستراتيجية أساسا على إعادة الوحدة بين أبناء شعبنا في أسرع وقت ممكن.
وأكد المشاركون انه من خلال الأطر الرسمية الموجودة لا بد من العمل لإعادة تفعيل كافة القرارات والموقف الدولية التي صدرت عن المؤسسات الدولية بمختلف أسمائها وأماكن تواجدها.
وطالب المشاركون، القيادات العربية الإسلامية والمسيحية، بضرورة إعطاء القدس أولوية حقيقة ضمن خطة تتضمن توفير كافة السبل المادية لتعزيز صمود المقدسيين وحماية وجودهم وصمودهم، وأيضا تفعيل الوسائل الممكنة لفك العزلة عن المدينة ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.
وأرجأ المشاركون إلى وقت لاحق الحديث في خطوات هامة يمكن للمقدسيين القيام بها بالتزامن مع ما سبق ويكون لها دور أساسي وفاعل في ردع سياسية التهويد وإرباك مخططات الاحتلال.
وأشار المتحدثون إلى ملامح إستراتيجية تهويد القدس، من خلال استهداف مظاهر السيادة الفلسطينية فيها وإغلاق المؤسسات السيادية الفلسطينية وعلى رأسها بيت الشرق، إضافة إلى إحكام إغلاق المدينة ومقدساتها، وكذلك فرض حكومة الاحتلال قوانينها على المواطنين المقدسين، والاستمرار في تصعيد ساستها في قمع واستهداف أي مظهر من مظاهر السيادة.
ولفتوا إلى أن هذه الإستراتيجية تهدف أيضا لأحكام عزل المدينة المقدسة من خلال استكمال جدار الفصل العنصري وتركيز السيطرة على المداخل المتبقية وفرض القوانين وإجراءات خاصة للدخول إليها سواء للعبادة أو العلاج، بالإضافة إلى الاستهتار بالمواقف والقرارات الدولية من القدس باعتبارها ارض محتلة وفرض سياسة الأمر الواقع على أساس أن القدس الموحدة عاصمة لدولة الاحتلال.
وأوضح رفيق النتشة في كلمته نيابة عن السيد الرئيس محمود عباس، أن الكثير من المخاطر تحدق بالقدس وان هناك تسارعا لتهويدها وطمس هويتها العربية الإسلامية المسيحية، وتدمير معالمها الروحية والحضارية والدينية والتاريخية.
وأكد، أن القدس تتعرض لحصار خانق ومتواصل، سواء كان ذلك من خلال هذا الجدار القبيح الذي تلوى كالأفعى فوق الأرض على حد قول جورج بوش الابن، والذي يضرب حول المدينة، في الوقت الذي يزعم فيه الإسرائيليون من خلال حكوماتهم المتعاقبة أنهم يريدون السلام، وأنهم يؤمنون بحل الدولتين، ولكنهم في الوقت ذاته يقيمون الجدار، في حين أن المنطقة وشعوبها كافة هي أحوج ما تكون فيه إلى بناء جسور للسلام والتعايش والجوار الحسن؛ لتعيش أجيالها بأمن وأمان واستقرار.
وقال النتشة 'إن حجم التحديات والمخاطر كبير، وان الواقع المرير يفرض على الجميع، التحلي بروح المسؤولية الوطنية والأخلاقية، ويجب استعادة الوحدة واللحمة الوطنية، ففلسطين والقدس الشريف اكبر من كل الأحزاب والحركات والجبهات'، مؤكدا على ضرورة الاستجابة لدعوة السيد الرئيس للمصالحة الوطنية، وقال 'يجب ان يكون القرار فلسطينيا وان يصنع هنا في فلسطين'.
وبين أن القدس، مستهدفة بكل معالمها، وأن إسرائيل تمارس سياسة الترحيل و'الترانسفير' التي تستهدف أهل القدس العرب الفلسطيني مسيحيين ومسلمين على حد سواء، 'لتذكرنا بالسوء أنظمة التطهير العرقي الشمولية'، منوها أنه لا بد من تذكير إسرائيل بان إجراءاتها الاستباقية الرامية لحسم مصير المدينة من خلال رسم خارطة الأمر الواقع وفرضها على شعبنا وقيادته وقواه، مؤكدا أنها لن تفلح 'فالقدس مدينة محتلة وجزء لا يتجزأ من الضفة الغربية مهما حاولا عزلها وفصلها عن محيطها، وهي عاصمة دولة فلسطين المستقلة المقبلة'.
بدوره تطرق أمين سر الهيئة الإسلامية العليا في القدس تيسير التميمي، إلى تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية في المدية المقدسة ضد القيم الإنسانية والحضارية والأخلاقية والقانونية، مؤكدا إن هذه التهديدات جدية وحقيقية؛ فسلطات الاحتلال الإسرائيلي تقوم بالحفريات المستمرة تحت أساسات المسجد الأقصى وأسواره وفي محيطه على نطاق واسع، بقصد تقويض بنائه لإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه، مشيرا إلى محاولات اقتحامه المتكررة من قبل الجماعات اليهودية المتطرفة المدعومة بالكامل من سلطات الاحتلال واذرعها العسكرية، بالإضافة إلى بناء الكنس في ساحاته وبالقرب منه.لتغير مشهد المدينة وطمس معالمها وتغيير هويتها العربية والإسلامية.
وأشار التميمي إلى أن القدس قضية إيمانية تمس عقيدة كل مسلم ومسيحي والواجب علينا جميعا حمايتها والدفاع عنها وأن أي اعتداء على المسجد الأقصى سيؤدي إلى مضاعفات خطيرة، مشددا على أهمية التلاحم والتضامن بين أبناء شعبنا بجميع طوائفه وفئاته كدعامة أساسية من دعائم النضال والكفاح لإفشال محاولات إسرائيل في إلقاء بذور الفتنه الطائفية والهادفة إلى تدمير قدرات وطاقات الشعب الفلسطيني لصرفهم عن تحقيق هدفهم في التحرر والاستقلال.
من جانبه، قال المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، إن القدس ملتقى الأديان، لكنها اليوم مدينة صراع سياسي بسبب الاحتلال الإسرائيلي الممارس في مدينة القدس بحق مقدساتها ومؤسساتها وشعبها.
وأوضح حنا أن الرؤية المسيحية للقدس شمولية ولا تستثني أحدا؛ تلتقي فيها مع الفلسطيني المسلم أخا ومواطنا مشاركا في حاضر واحد وفي غد واحد وفي صلاته وإيمانه بالله، وأيضا مع الإسلام تلتقي فيها مع اليهودية دينا وصلاة لا سياسة ولا عسكرا وجيوشا محتلة.
واستنكر كافة أشكال المحاولات الهادفة لإعطاء تبريرات دينية للاستعمار والاحتلال الإسرائيلي .
وقال إسرائيل هيرش ممثلا عن حركة 'ناطوري كارتا' 'نحن العبرانيون الأصليون المؤمنون بالله نبارك الرئيس محمود عباس والدكتور سلام فياض، ونطالب القيادة الفلسطينية بالضغط على الصعيد العالمي لعودة الذين طردوا من حي الشيخ جراح، وندين هذه المؤامرة الصهيونية على إقامة وإنشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس'.
وأشاد هيرش بقرار السلطة الوطنية بمقاطعة منتجات المستوطنات، مشيرا إلى انه سيتم إعلان هذا العام باسم البروفسور رهان الذي قاوم الاستيطان في فلسطين، واعتبره غير شرعي وغير قانوني، وأن هذه الأرض لأهلها، مؤكدا على أن الصهيونية لا تمثل اليهودية قطعا.
وطالب هيرش بتقديم قيادات الحركة الصهيونية لمحكمة العدل الدولية على الجرائم التي ارتكبوها، واعتبر الصهيونية جريمة بحق البشرية جمعاء، معربا عن أمله عودة ملكية الأرض إلى الفلسطينيين وعاصمتها القدس ويتم طرد الصهاينة حيث يمكن أن العيش سويا تحت ظل سلطة فلسطينية مسلمون ومسيحيون ويهود؛ تحقيقا لنبوءة الأنبياء بالعيش تحت سلطة واحدة.
من جهته قال الأمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية د. حسن خاطر، إن القدس اليوم، تهود وفق إستراتيجية محكمة تعاقبت على تنفيذها كل الحكومات الإسرائيلية دون استثناء، رغم الاختلاف فيما بينها في بعض السياسات والمواقف التي لم تمس أسس هذه الإستراتيجية وأهدافها البعيدة.
وقال رغم وجود مواقف فلسطينية وعربية ودولية ثابته فيما يتعلق بالقدس تستند في معظمها لقرارات الشرعية الدولية التي تجمع على أن القدس أراضي عربية محتلة، إلا أننا نفتقر – على المستوى الفلسطيني والعربي- إلى وجود إستراتيجية واضحة ومحددة لحماية هذا الموقف وتحريره من الحيز النظري ووضعه موضع التنفيذ.
وأضاف إن إسرائيل تعمل على تهييج المشاعر الدينية اليهودية حول القدس والعمل بكل وسائل الخداع والتضليل لربط المستوطنتين بالمسجد الأقصى على انه جبل الهيكل، وربط مصير القدس بما يستوحي من التفسير الصهيوني لتعاليم الدين اليهودي. بالإضافة إلى الذهاب باتجاه إضفاء الصبغة الدينية على كل أعمال التهويد والجرائم التي يقترفها الاحتلال بحق المدينة.
وتناولت جلسات المؤتمر عدة موضوعات من بينها (القدس الكبرى في المخططات الصهيونية، المخططات الإسرائيلية الحالية والمستقبلية في ساحة البراق، القدس بين الإجماع الصهيوني وتدويل المعركة عليها، السيادة الفلسطينية في القدس، واقع ومستقبل المقدسيين في ظل الاحتلال، وقراءة في القرارات الدولية الخاصة بالقدس والموقف العربي تجاه قضية القدس، وماذا تعني القدس للأمة.
ـ
0 التعليقات:
إرسال تعليق
اترك بصمتك وشاركنا برأيك..