البيت | أخبار
2010-10-24 09:35:55 - الكاتب : رتان/ بقلم د. حسن عبد الله | |
المفارقة اننا في الوطن العربي، نتذكر المبدع بعد وفاته، حيث مجرد ان يتوقف نبض قلب هذا المبدع أو ذاك، تتسابق الأقلام في ذكر انجازاته ومحاسن ما أنتج وأبدع، علماً بأن هذه الأقلام صمتت في حياته. لارسال مواد ratannews@hotmail.comومعلوم ان أي مجتهد يهمه رأي الآخرين في حصيلة ما عمل وقدم. لأن الرأي الإيجابي يحفز لمواصلة العطاء والإبداع. وقد ينتظر مبدع ما زمناً طويلاً سماع نقد محفز في حياته، لاسيما ان الطاغي في مرحلتنا هو السلبي، حيث بتنا ننظر بعين واحدة، ونقرأ بإتجاه واحد، ونتحدث بالنبرة ذاتها. أجل ان السلبي يسود في أقوالنا وتصرفاتنا وحكمنا على الآخرين. مع ان الإيجابي كثير، ومع ان حبل الإبداع في بلادنا ما زال متواصلاً منذ عقود وعقود، لم ينقطع، رغم محاولات الإنقضاض على إبداعنا وثقافتنا، في إطار الهجمة المستمرة على هويتنا. لكن هناك من يحاول إختراق السلبي السائد، بشموع من حب وتفاؤل وتقدير وإيمان عميق بأننا شعب قادر على الإنتصار على كل المعوقات. هذا ما أكده المشاركون في تكريم أربع عشرة كوكبة ابداعية وثقافية من خلال الحفل الذي أقيم مؤخراً في رام الله، ليفاجأ الحضور بمفارقة لم يتنبه لها من قبل القائمون على التكريم. فقد طال التكريم ثلاثة من بين الأربعة عشر مكرماً، يمثلون ثلاثة أجيال تربوية وثقافية، حيث أعلن المكرم عمر عساف ان زميله المكرم الآخر الكاتب محمود شقير، علمه في المدرسة الهاشميه قبل ستة وأربعين عاماً، ليعتلي شقير المنصة ويعلن أنه فخور بأنه يكرم الى جانب أحد طلبته، وفخور أكثر بأنه يكرم مع أستاذه راتب رابي، الذي علمه قبل أكثر من خمسة وخمسين عاماً في مدرسة الراشيدية. ثلاثة مثقفين، ثلاثة تربويين، ثلاثة أجيال، كل واحد منهم حمل الراية، وسلمها للذي يليه، بل ان كل واحد من هؤلاء يصر على ان يظل رافعاً الراية ذاتها حتى آخر يوم في حياته. اذن ان بيننا من يستحق التكريم والإحتفاء به في كل يوم. بيننا مجموعة نفاخر بها من المبدعين المخلصين، الذين انتصروا لقضيتهم، وصهروا الذات صهراً كاملاً في بحر المجموع، فكتبوا وعملوا وسهروا وضحوا بالغالي والنفيس من أجل ما آمنوا به. انهم أبناء بررة لشعب عظيم يصر إصراراً منقطع النظير على التمسك بأرضه ومقدساته وتراثه الفكري والإنساني والأخلاقي، يراكمون على ما بناه الأسلاف، بعمل دؤوب عنيد خلاق، وهذا ما يفسر استمرارنا على هذه الأرض وصمودنا في خنادقنا المتقدمة. ان التكريم الحقيقي لمبدعينا ومفكرينا ليس شهادات تقدير أو دروع ونياشين، فهذه الأشكال التقديرية مجرد رموز تقدم للتعبير عن الحب والعرفان بالجميل، بيد ان التكريم الحقيقي يجب ان يتجلى في أعظم صوره، من خلال ما نكتبه عن هؤلاء، على صفحات التاريخ المشرف بأوتار قلوبنا، وقطرات دمنا، ونظرات عيوننا، وأحلام صبايانا، وأشجار حدائقنا، وحروف أطفالنا في رياضهم، وبنداءات وابتهالات ودعوات أمهاتنا، حينما يقفن على شرفات منازلهن ويمطرن كل مبدع في بلادنا بأخلص التمنيات وكلمات الرضى، وحينما ترضى الأمهات، ينشرح صدر الوطن، فيضحك.. يضحك لوزاً وتينا. . | |
البيت أرسل خبر أضفنا للمفضلة | |
0 التعليقات:
إرسال تعليق
اترك بصمتك وشاركنا برأيك..