البيت | أقلام حرة |
2010-09-08 02:15:55 - الكاتب : رتان_ الكاتب - محمد كريشان | |
هي دعوة ملحة إلى كل واحد: اترك ليوم واحد لا غير أخبار السياسة والسياسيين وتابع ما يتفاعل داخل مجتمعك من قضايا وأحداث. دع عنك جانبا قضايا القاعدة والجماعات المسلحة وأوباما وساركوزي والمسلمين في الغرب وقضايا الحجاب والنقاب والديمقراطية والحريات وإشكالات التوريث في مصر والانتخابات ومفوضات السلام ونتنياهو وعباس وحماس وسياسات تركيا وملف إيران النووي وجهود تشكيل الحكومة العراقية الجديدة وخسائر الناتو في أفغانستان وطالبان ومعارك الشباب المجاهدين والحكومة في الصومال والمناكفات التي لا تنتفي في لبنان والجدل العقيم حول خلافات السنة والشيعة. دع عنك كل ذلك وغيره كثير وانظر إلى ما يتفاعل داخل مجتمعك من قضايا يومية. لن نذكر بلدا عربيا بعينه ولتأخذ صفحة الجرائم والحوادث في أي صحيفة وتقرأ كل ما فيها: عالم عجيب وغريب يختلط فيه العنف والقتل والسرقة والنصب والاحتيال والخيانة والجنس والمخدرات والرشوة... يختلط فيه كل شيء بأي شيء حتى تكاد تصاب بالدوار أو تظن أن القصص المنشورة من نسج الخيال فمن المستحيل أن توجد نماذج كهذه في هذا البلد الذي ولدت فيه ونشأت. ستدهش من كثرة حوادث القتل لأتفه الأسباب، يغدر الجار جاره بطعنة سكين في ظهره لخلاف حول مكان وقوف السيارة، ويخنق الزوج زوجته لشك في سلوكها، ويصرع الشاب أمه أو أباه بطلق ناري أو ضربة ساطور لرفضهما إعطاءه بعض النقود، ويتفق اثنان على التخلص من صديق العمر للاستحواذ على بعض مدخراته المالية في البيت.. فضلا عن الكثير جدا من القضايا المتعلقة بالخيانات الزوجية والعلاقات المحرمة مع نساء وشابات قاصرات وحتى أطفال. الأمر لا يقف عند شرائح معينة ممن اصطلح على تسميتهم بقاع المجتمع بل يمتد إلى غيرهم، فهذا معلم يضربه تلاميذه، وهذا أستاذ يساوم طالبته جنسيا لتسريب الامتحان إليها، وهذا محام يقبل رشوة من خصم موكله حتى يكسبه القضية المرفوعة ضده، وهذا قاض يبرئ المتهم ويدخل البريء السجن بتسعيرة محددة، وهذا مستعد لتحويل ملكية قطعة أرض من زيد إلى عمرو وتزوير كل مستندات السجل العقاري، وهذا المتظاهر بالتدين والورع يفعل ما لا يخطر على بال أحد ، وهذا التاجر لا هم له إلا غش زبائنه، وهذا طبيب يوهم مريضا ما بأي شيء لابتزازه وقد يجري له عمليات جراحية متعددة لا لزوم لها... والقائمة تطول. إننا باختصار نقف فوق برميل كبير بل خزان ضخم من العفن الاجتماعي الذي لا يقتصر بالضرورة على قضايا محل نظر محاكم مختلفة بل هو مستحكم في تفاصيل عديدة في حياتنا اليومية، من طريقة سياقة السيارات واحترام قوانين المرور وسلامة الغير إلى الكلام البذيء في الشوارع والمقاهي إلى تصرفات مشينة في وسائل النقل العام والملاعب وغيرها من الفضاءات العامة. وقد لا تتوقف المصيبة عند هذا الحد بل إنها امتدت أحيانا إلى نوع من 'التكيف' مع كثير من السلوكيات إلى حد اعتبارها عادية بدرجة أو بأخرى. لا يخلو مجتمع في العالم من أمراض ومن تصرفات شاذة ولكنها قد تكون في بعض بلادنا العربية على الأقل قد وصلت إلى درجة مخيفة تتطلب وقفة جادة تبتعد عن التبسيط أو التبرير الذي غالبا ما يركن إليه كثيرون. لا نريد دروسا سمجة في الأخلاق ولكننا نحتاج إلى دراسات اجتماعية واقتصادية ونفسية تشخص هذا المشهد المخيف وتحلل أسبابه المركبة بعيدا عن فورة غضب الوعاظ. لا بد من معرفة أسباب هذا التراجع الخطير للوازع الأخلاقي الشخصي، حتى وإن تركنا الوازع الديني جانبا، وأي دور يمكن أن يكون في كل ذلك للضغوط الاقتصادية والاحتقان السياسي وغياب القدوة الحسنة من المسؤولين وغياب ثقافة علوية القانون ومساواة كل الناس أمامه. وقفة لا مفر منها قبل أن يتسع الخرق على الراقع. . لارسال مواد ratannews@hotmail.com | |
البيت أرسل خبر أضفنا للمفضلة | |
0 التعليقات:
إرسال تعليق
اترك بصمتك وشاركنا برأيك..