البيت | أقلام حرة
2010-11-22 11:25- الكاتب : رتان | |
كثير الكلام الجميل سواءً كان حِكَماً أو أقوالاً مأثورة أو أمثلة يساق في حينه ويكون بلسماً ، وتعبيراً عن أشياء كثيرة ، ويحمل مدلولات تغني عن الشرح الطويل ، لقضية مثارة أو حادثة أو مناسبة ، ويكفي الاستدلال بها لتفض نزاعاً أو تنهي خلافاً ، أو تشكل منطلقاً لمجموعة أفكار تُجترحُ تعالج أموراً استعصى حلها حتى على أهل العلم والمعرفة ، ولكن هذا كله محكوم بالامتثال لهذه المقولات وتطبيقها على أرض الواقع ، والأخذ بها واعتبارها موروثاً تفتق عنه ذهن وعقل من سبقونا وسهروا على توريثنا إياها ، لعلمهم المسبق أنها لن تزول أو لن يلجأ إليها بعامل التقادم ، فهي غير قابلة للاندثار ، وإن أتى عليها النسيان أو التناسي ...إلاّ أنها كالذهب العتيق بل أغلى منه . اليوم نحن أمام المقولة التي هي عنوان لهذه المقالة . فسعدٌ هذا إن شئتم فقولوا عنه راعي الإبل عند سيده ، وإن شئتم فقولوا عنه كان كلّاً على مولاه فأسند إليه حداية العيس . والإبل في القدم كانت رأس المال بالنسبة لعصرنا اليوم ، ولشح المياه كانت عملية سقايتها عملية شاقة ، رغم تحملها العطش فقد قيل عنها سفينة الصحراء . سعد هذا المسكين لم يكن بمستوى الرعاية والحداية ، وظهر ذلك على الإبل ما جعل سيده يطلق مقولته هذه . وقد تكون هناك رواية أو أكثر كانت سبباً في إطلاق هذه المقولة ، حتى لا نختلف على مسبباتها فقد تكون لدى البعض مسببات أخرى . لكن النسيان يكاد يكون قد أتى عليها ، وأصبحت كغيرها من المقولات نبحث عنها عند الحاجة وقد لا نتذكرها . وللبعض أن يسأل : وهل نحن بحاجة إليها بعد أن عفا عليها الزمن ؟ نقول نعم : إنها لمقولة عظيمة تستحق منا التداول والترداد ونعيد لها الاعتبار ، معتذرين لتركها ومدينين لمن أطلقها ، لأنه صاحب نظرة ثاقبة ومستشرف للمستقبل ، وقارئ للمرحلة التي سيضطر الجميع إلى العودة لها ، لعلمه بأن القوم سيفيقون لأهميتها وسيناله الشكر والثناء عليها. وتطبيقا لهذه المقولة وعملاً بها واسترشاداً بدلالاتها نجد أنفسنا ملزمين باستخدامها في وصف المحظور وغير المحظور ، ففي الحالتين لا نستطيع أن نغمض أعيننا ونكسر أقلامنا ، ونجمد عقولنا ، تحسبا لما يمكن أن يؤخذ علينا . فإنه ليس نبشاً في الماضي ، ولا تذكيراً بالآلام ولا نكأً للجراح ، بل عدم ملامسة الحالة ، هو الإبقاء على ما هو محزن ، ومخجل ، وضياع للذات وللقضية الخاصة والعامة . ودعونا نقترب أكثر ولنبدأ بأنفسنا أي بالخاص ، والخاص يقودنا إلى الحديث عن حركة فتح ... هذه الحركة العملاقة الرائدة حاملة لواء الثورة الفلسطينية والعالمية . نكون كالنعامة التي تدفن رأسها في التراب إذا قلنا : إن حركتنا كانت بخير وكما كان يرجى منها من قبل حتى الذين اختلفوا معها ... فمقولا تهم جميعاً : لئن اختلفنا مع الحركة أي مع الذين تسلقوا ، وسلكوا سلوكاً مشيناً ، أثناء تبوئهم لمواقع مفصلية في مجالات عديدة ، إلا أنهم لم يختلفوا على الحركة، صاحبة المشروع الوطني الكبير . وككل الحركات أو الأحزاب أو المنظمات ، سواء كانت محلية أو دولية ، فهي بحاجة إلى مراجعة لسلسلة من المواقف ولكثير من السلوكيات ، وإلى تجديد في النظرة لكل المستجدات ، والاصطفاف حول الرؤى الجديدة والمجددة ، حسب مقتضيات المصلحة الوطنية على الأصعدة كافة ، كما لا يعيبها أن تطلق شعار جلد الذات أي المحاسبة الشديدة لكل مواطن الخلل ، والتخلص من المتسلقين والانتهازيين ، والبرجوازية غير الوطنية ، والمال السياسي . لن يتم ذلك سواء كان عندنا أو عند غيرنا ، إلاّ في إطار أشمل ، والإطار الأشمل هو المؤتمر العام الذي لا يستغني عنه أي تنظيم ، فهو المكان الوحيد والصالح الذي تطرح فيه وعليه القضايا كافة : حلوها ومرها . عقد المؤتمر العام السادس في ذكرى عزيزة على قلوبنا ولها من القدسية والاحترام والمحبة ما يجعلنا جميعاً نطلق عبارات التفاؤل إلّا الذين أرادوا غير ذلك ، والذكرى هي الذكرى الثمانون لميلاد رجل عظيم اسمه ياسر عرفات " أبو عمار" رحمه الله . إذن لا يمكن أن ينعقد المؤتمر في وضع أسوأ مما كانت عليه الحركة ، ولا في ظل ذكرى يحمل صاحبها المعاني السامية والتاريخ الحافل بشهادة الخصوم والأعداء قبل الأهل والأصدقاء . اشرأبت الأعناق بانتظار كل جميل ، بانتظار النتيجة وكان ما كان . مما جعل الحريصين على هذه الحركة من غير أبنائها أن يلومونا ويعيرونا قائلين : لماذا فعلتم بأنفسكم ما فعلتم ؟ وقالوا قولاً لا نخوض فيه ، ولكنهم صادقون وليسوا شامتين. وجد المؤسسون والسابقون السابقون أنفسهم خارج الحركة وليسوا على مقرية منها ، وكانت فرحة الإسرائيليين كبيرة لأنه الانتقام ممن شكلوا لإسرائيل خطراً حقيقيّاً عبر نصف قرن. إن رئاسة المؤتمر اعتبرت ذلك إنجازاً وهي تعرف انه عكس ذلك ، ولأن قيادة ورئاسة المؤتمر لم تراع اللوائح والأنظمة والقواعد والنظام الأساسي ، فهنا تأتي أهمية المقولة : ما هكذا تورد الإبل يا سعد . أما على صعيدنا الفلسطيني الفلسطيني ... فبعد كل الحوار نتيجة حالة الإنقسام وتأثيره السلبي على قضيتنا والتي أعادها إلى أسوأ مراحلها ، حتى أن الإسرائيليين ومنجميهم ، وضاربي الودع وقارئي الفنجان عندهم لم يخطر لهم على بالٍ ، ما فعلناه بأنفسنا وبمكاسبنا ، وبمؤسساتنا وبقضيتنا ، فقد اختزلت الحالة في حوار ثنائي بين شخصين أو مجموعتين ، والكل الفلسطيني ينتظر ، ويتفرج ، ويصمت ، وتأتي الأخبار ناقلة نبأ فشل الحوار ، والاتفاق على موعد لاحق غير محدد، وفي مكان يتم التوافق عليه . أليست مقولة : ما هكذا تورد الإبل يا سعد تستحق أن نذكر بها ؟ ونقرأ عواقبها الوخيمة على القضية بشكل عام ... أليس من حق أصدقائنا والمتعاطفين معنا أن يطلقوا مقولات تحمل ترجمة لهذه المقولة ولكن بلغاتهم المختلفة ؟ وأما على صعيدنا العربي العربي والعربي الإسرائيلي : فقد صدر بالأمس في مدينة لشبونة العاصمة البرتغالية عن المجموعة الأوروبية وأمريكا ، اتفاق حول الدرع الواقي ليحموا بلادهم من الصواريخ المغيرة . أما نحن كعرب ماذا صدر عنا ؟ وماذا يمكن أن يصدر ؟ لا داعي للخوض في التفاصيل فقد أشبع الموضوع بل قتل وصفاً ، وكتابة وتحذيراً ، ومناشدة ، ومطالبة بالنظر إلى من حولنا وإلى ما يترصد أمتنا . ألم يحن الوقت لأن تنتصر هذه المقولة وتصبح على لسان كل فلسطيني وعربي ؟ بلا . فلئن كان هناك سعد واحدٌ فاليوم كلنا سعد . فهلاّ استبدلنا هكذا يا سعد ... ب ما هكذا يا سعد ؟ ولكن متى ؟ والسؤال موجه للجميع . . | |
البيت أرسل خبر أضفنا للمفضلة | |
0 التعليقات:
إرسال تعليق
اترك بصمتك وشاركنا برأيك..