
تقضي الأمانة القول إن «الحركة الخضراء» لم تقدم أدلة على التزوير الذي قامت احتجاجاً عليه وما اذا كان حجمه يغير نتائج الانتخابات الرئاسية. وواضح ان النظام الإيراني لم يتحول نظاماً معزولاً في الداخل. لكن الواضح ايضاً هو ان النظام لم يعد يحظى بالتفويض الكاسح الذي كان من أبرز أسباب طمأنينته.
يمكن القول هنا إن النظام الإيراني رفض الاستماع الى الرسالة التي شكلتها حركة الاحتجاج قبل عام. يمكن الحديث عن تراجع جاذبيته لدى الذين ولدوا في ظل الثورة. يصعب تصديق الاتهامات التي تكاد تدرج مهدي كروبي ومير حسين موسوي ومحمد خاتمي في خانة المخربين او المنافقين او الذين تحركهم إرادة الأجنبي او تستغل تحركاتهم. أرغمت السلطة المحتجين على الانكفاء، لكن ذلك لا يلغي ان هالة النظام أصيبت بثقوب وأن دور المرشد نفسه بات موضع جدل وخلاف وهذا يحدث للمرة الأولى.
السنة التي أضاعها النظام في الداخل أضاعها في الخارج ايضاً. أضاع النظام الإيراني الفرصة التي شكلها عرض اليد الممدودة الذي قدمه باراك أوباما. كانت للرئيس الاميركي مصلحة فعلية في إنجاز ما على هذه الجبهة. كانت لديه حاجة لإظهار أن مقارباته مختلفة. لم تغتنم ايران الفرصة وتصرفت بمنطق من يريد كل شيء أو لا شيء.
كانت السنة الإيرانية الماضية سنة الفرص الضائعة. فشلت طهران في تبديد شكوك الوكالة الدولية للطاقة الذرية. بالغت في المناورة والتأجيل. أظهرت الأيام الماضية ان هذا الفشل مكلف. فشلت أيضاً وفي السياق نفسه في إقناع روسيا أن لا مبرر لحزمة عقوبات دولية جديدة. وبدا كأن ايران فشلت في قراءة التحسن الذي طرأ على العلاقات بين واشنطن وموسكو بعد المرونة الاميركية في ملف الدرع الصاروخية. سجلت الديبلوماسية الايرانية فشلاً آخر وربما أخطر. الفشل في اقناع الصين بعدم تأييد قرار العقوبات على رغم الحديث المتكرر عن أهمية السوق الإيرانية للصين المتعطشة إلى النفط وفرص الاستثمار. والحقيقة أن القرار الدولي استنزف جزءاً غير يسير من النجاح الذي حققته إيران عبر الاتفاق الذي وقعته مع تركيا والبرازيل.
ترافق كل ذلك مع خسارة في الصورة على مستوى الإقليم. نجح رجب طيب اردوغان في اجتذاب الأضواء في الموضوع الفلسطيني الذي توكأت إيران عليه لتعزيز حضورها في العالم العربي والإسلامي. هذا النجاح كشف أن طموحات إيران في الزعامة تصطدم بعوائق جدية بينها طبيعة انتمائها والقاموس الذي تعيش في ظله.
كُتب الكثير في الأعوام الماضية عن براعة المفاوض الايراني وكان ذلك صحيحاً. لكن العام المنصرم انتهى بما يشير الى تعثر هذه البراعة. أدت سياسة التوتر الدائم الى بدايات حال من العزلة. ولن يكون مستغرباً ان تضاعف العقوبات الصعوبات الاقتصادية ومعها مستوى التوتر. شهد العام الأول من ولاية احمدي نجاد الثانية مجازفات يصعب الاعتقاد انها تخدم استقرار إيران او المنطقة.
* نقلا عن "الحياة" اللندنية
0 التعليقات:
إرسال تعليق
اترك بصمتك وشاركنا برأيك..