البيت | أخبار
2010-10-26 08:05:55 - الكاتب : رتان_ القدس | |
تل ابيب- تزامنت زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى بيروت قبا اسبوعين، مع تركيز وسائل الإعلام الإسرائيلية الرسمية وغير الرسمية على تفاصيل ومغزى هذه الزيارة، وما تحمله من تداعيات من وجهة النظر الإسرائيلية، وتجدد الحديث عن كتاب كان قد صدر في آب الماضي حول الحرب الإسرائيلية السرية ضد البرنامج النووي الإيراني، ومحاولات وقف إمتداد النفوذ الإيراني قبل أن يصل إلى حدود إسرائيل الشمالية، ونشر موقع (ybook) فصلا كاملا من الكتاب عن الحرب السرية ضد إيران، وهو الكتاب الذي يحتل منذ صدورة قبل شهرين تقريبا قائمة أكثر الكتب مبيعا، ويحمل عنوان (الموساد – العمليات الكبرى)، ويركز الفصل الأول بالكامل على الحرب الطاحنة التي يشنها الموساد ضد البرنامج النووي الإيراني. وطالما أن الرئيس الإيراني قام بزيارة لبنان، وحقق طبقا لما تروجه الدعاية الإسرائيلية خطوة في حلم الخميني للهيمنة على العالم العربي والإسلامي، وتأسيس الإمبراطورية الفارسية المزعومة، فإن سؤالا يتردد الآن في المنتديات الإسرائيلية "إلى أي مدى نجحت الإستخبارات الإسرائيلية في التأثير بالسلب على البرنامج النووي الإيراني، بما قامت به من إغتيالات، سواء في حق علماء إيرانيين، أو بشكل غير مباشر من خلال محاولة إضعاف منظمة حزب الله، وإستهداف أحد أهم قادتها العسكريين وهو عماد مغنية، في الوقت الذي لم تؤدي هذه الحرب لا إلى وقف البرنامج الإيراني النووي، أو منع رفع العلم الإيراني على الحدود الإسرائيلية؟، وهل تقف إسرائيل أمام أكبر فشل في تاريخها؟". من جانب آخر، ومنذ صدوره، لم تتوقف وسائل الإعلام الإسرائيلية عن إجراء مقابلات مع مؤلفي كتاب (الموساد – العمليات الكبرى)، وهو الكتاب الذي شذ عن القاعدة التي سادت طيلة السنوات الماضية، حيث دأبت إسرائيل على الإعتماد على ما تنشره وسائل الإعلام الأجنبية حول بعض عمليات الإغتيال التي وقعت في السنوات الماضية في بعض البلدان، في محاولة منها لعدم التصريح المباشر بالمسؤولية عن هذه العمليات، وعلى رأس هذه العمليات إغتيال عماد مغنية المسؤول العسكري في حزب الله، وعدد من العلماء الإيرانيين، وأخيرا إغتيال مسؤول حماس محمود المبحوح في دبي، بزعم أنه كان رجل الإتصال مع طهران لحشد المال والسلاح للحركة في غزة. العمليات الكبرى "في الثاني عشر من كانون ثاني 2010، وفي تمام الساعة 7:50 صباحا، خرج بروفيسور مسعود علي محمودي من منزله شمالي طهران، وكانت وجهته جامعة شريف للتكنولوجيا، حيث من المفترض أن يلقي محاضرة في قسم العلوم، وحين دخل بروفيسور مسعود إلى سيارته، سمع دوي إنفجار هائل أيقظ الضاحية الهادئة بأسرها، وحين هرعت قوات الأمن إلى المنطقة، وجدت سيارة بروفيسور مسعود وقد تدمرت تماما، بينما عثر على أشلاءه المتناثرة من حولها. بهذه الكلمات يبدأ الفصل الأول من الكتاب مسجلا بذلك شهادة إسرائيلية على طبيعة عهد مئير داغان الرئيس الحالي للموساد، والذي نفذت في عهده الكثير من العمليات في المنطقة، ولم تعلن إسرائيل مسئوليتها المباشرة عنها. الكتاب يضم 22 فصلا، ويحمل على غلافه إسم أحد الأسماء البارزة في إسرائيل في مجال أدبيات التجسس، والعمل الإستخباراتي، وهو بروفيسور ميخائيل بار زوهار، والذي قرر إضافة كتاب جديد إلى عشرات الكتب التي تحمل على غلافها إسم الموساد، والتي تحقق في العادة أرقام مبيعات ملفته للنظر سواء في إسرائيل أو خارجها، ليخرج بذلك بعمل شامل يضم أكبر العمليات التي قام بها الموساد منذ نشأته، والتي ذاع صيتها بالفعل ونسبت للموساد، ولكنه هذه المرة يتحدث عن عمليات حديثه لم تنسبها إسرائيل لنفسها مباشرة حتى اليوم، ومعظمها في عهد مئير داغان. مؤلف الكتاب وضع طيلة نصف قرن من الزمان الكثير من القصص التي تتحدث عن عمليات الموساد، وتحدث عن العلاقات العسكرية السرية بين إسرائيل وفرنسا، وتحدث عن إغتيالات قام بها الموساد ضد رموز المقاومة الفلسطينية، وفي الوقت نفسه تحدث عن الأخطاء التي وقع فيها، ولكنه هذه المرة يعترف بمدى المعاناة التي واجهها شخصيا مع الرقابة قبيل إصدار كتابه الأخير، والذي يتطرق للعمليات الكبرى التي قامت بها الإستخبارات الإسرائيلية، معتمدا على المئات من الوثائق والتقارير التي صدرت في إسرائيل وخارجها. اجابات واضحة على اسئلة محيرة ولكن الملفت للنظر هو أن الكتاب يقدم إجابات واضحة عن العديد من الأسئلة التي حيرت وسائل الإعلام، ويقدم أيضا رؤية للأساليب التي عمل بها هذا الجهاز في السنوات الأخيرة، والتي إتسمت برفع سقف المخاطرة، وتكرار العمل في نفس الساحات وسط حالة من الممكن وصفها بالإهمال الشديد من قبل الضحايا أنفسهم، أو تراخي الأجهزة الأمنية التي أرتكبت على أراضيها هذه العمليات، أو حتى حسن حظ العملاء الذين نجحوا في الفرار في كل مرة. عملية إغتيال اللواء محمد سليمان وعلى سبيل المثال، ترد في الكتاب تفاصيل حول عملية إغتيال اللواء محمد سليمان، والذي تقول إسرائيل عنه أنه كان المسؤول عن البرنامج النووي السوري، حيث يقول الكتاب: "تحت غطاء من الظلام، وصل إثنان من مقاتلي السرب 13 إلى السواحل السورية غوصا تحت المياة، وبالتحديد إلى منتجع الرمال الذهبية، وكان بحوزتهما بنادق قناصة، وكان أمامهم رصيف منزل الجنرال محمد سليمان الذي جلس مع أصدقائه، على وليمة عشاء، وبعدها إستخدما شفرة إلكترونية وقاما من المياة الساكنة فأطلقا الرصاص، كل منهما رصاصة واحدة في رأس سليمان، وهنا إرتكن جسده على الطاولة، وحدثت فوضى في المكان، وفر الإسرائيليان بنفس الطريقة التي حضرا بها". ويتحدث المؤلف عن الإغتيال كونه طوى صفحة البرنامج النووي السوري، والذي يزعم أنه كان بتمويل إيراني وإدارة مهندسين من كوريا الشمالية. أما عن دور الموساد، يقول المؤلف: "تم إكتشاف برنامج المفاعل النووي بواسطة عميلين من الموساد إخترقا الكمبيوتر الشخصي لمسؤول سوري كبير خلال زيارته للندن، وظلا على هذه الحالة أكثر من عام، بينما قام عميل آخر للموساد بالتسلل إلى المفاعل نفسه، ونجح في تصوير محتواة". ويشار إلى أن قصف الموقع السوري وقع يوم الخامس من ايلول 2007، حين قامت مقاتلات إسرائيلية بقصفه دون أن تكتشفها الرادارات السورية. ويكشف الكتاب أن "جنود من وحدة شلداج، منقولين جوا، وصلوا إلى الموقع سرا، وقاموا بطلاء الأهداف بألوان فسفورية عاكسة لتسهيل عمل المقاتلات". إغتيالات بالجملة.. ومبالغات تلك كانت واحدة من العمليات التي تحدث عنها الكتاب، والذي لم يتردد أيضا في الحديث عن إغتيال عماد مغنية، المسؤول العسكري الكبير في منظمة حزب الله، ويقال أنه كان من أهم أسباب نجاح حزب الله في عام 2006 خلال حرب لبنان الثانية، وقد كان العقل العسكري المدبر. الكتاب يزعم أن إغتياله وقع بعد أن زار سيدة يحبها في دمشق، ويتحدث أيضا عن عملية إغتيال محمود المبحوح في دبي أمام عدسات الكاميرات، هذا بخلاف الكثير من العمليات التي تعود لعهود أخرى، مثل الوفاة الغامصة لدكتور جيرالد بول، العالم الكندي الذي بنى لصالح الرئيس العراقي الراحل صدام حسين واحد من أكبر المدافع في العالم، وعن وفاة رئيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطيني وديع حداد، الذي تعرض للتسمم، وفتحي الشقاقي، زعيم حركة الجهاد الإسلامي، الذي قتل بالرصاص في مالطا بناء على أوامر اسحاق رابين، الذي قتل هو الآخر رميا بالرصاص. ويتطرق الكتاب أيضا لحياة وموت رجل الأعمال المصري أشرف مروان، صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومستشار الرئيس الراحل أنور السادات، ومع ذلك حاول ألا يتجاوز الخط الإعلامي الخاص بنشر التفاصيل حول قضية مروان ومن المسؤول عن قتله، ولكنه في النهاية وضع وفاته ضمن كتاب عن عمليات الموساد الكبرى!. وهناك شخص آخر ساهم في تأليف وإعداد الكتاب، وهو نيسيم ميشعال، والذي كان يتولى إدارة التلفزيون الإسرائيلي وإدارة القناة الثانية، والعديد من المناصب الصحفية، وقد ولد ميشعال في العراق عام 1949، وهاجر مع عائلته حين كان في عامه الأول إلى إسرائيل، وله ثلاثة كتب بالإضافة للكتاب الأخير الذي شاركه فيه بروفيسور بار زوهار. الكتاب المكدس بالمعلومات المتعلقة بأعمال الموساد قد يعتبر أيضا محاولة لإضفاء هالة لامعة حول الموساد الإسرائيلي وما يقوم به من عمليات، غير أن هذه المحاولة أيضا لا تتخطى كونها نوعا من المبالغة، خاصة وأن الموساد وقع في العديد من الأخطاء الفادحة، ولكن بالنسبة لإسرائيل يعتبر النشر جانب من طبيعة العمل الإستخباراتي، خاصة وأن صورة الموساد كانت ولا تزال أحد أهم الوسائل التي تعتقد إسرائيل أنها تحافظ على قوة ردعها من خلال إظهاره كجهاز مخيف يمكنه الوصول إلى أي هدف، وهو أمر غير واقعي وتحكمه الكثير من الظروف. إغتيال عماد مغنية وعلى كل حال، من المهم معرفة ما أورده الكتاب عن إغتيال عماد مغنية مثلا، حيث ورد على لسان المؤلف: "العديد من الشخصيات كانت منتشرة حول الشقة الفخمة في أكثر الأحياء فخامة في دمشق، وقرب منتصف الليل، شوهدت سيارة جيب من طراز ميتسوبيشي باجيرو تقف بالقرب من البناية، ونزل منها شخص يرتدي بذلة سوداء ولديه لحية مهذبة، ودخل إلى البناية، أمام العملاء الذين كانوا في الشارع، والذين سارعوا إلى الإبلاغ من خلال أجهزة الإتصال، بأن الرجل وصل إلى دمشق، وصعد إلى الشقة، وقد علموا أن السيدة في إنتظاره، وهي نهاد حيدر، سورية تبلغ من العمر 30 عاما، وظل الإثنان في الشقة حتى ساعات المساء المتأخرة. وحين غادر البناية، لاحظه العملاء وتأكدوا من هويته إعتمادا على أحدث الصور التي كانت بحوزتهم، فقد كان الرجل بلا خلاف هو عماد مغنية، المطلوب رقم واحد في العالم. وهنا همس أحد العملاء في الجهاز – إنه في الطريق". عملاء مزدوجون، وحدات إغتيال وتفجيرات الفصل الأول من الكتاب مخصص للحديث عن الحرب الإستخباراتية الدائرة بين إسرائيل وإيران، والتي تمثلت في عمليات إغتيال بحق علماء إيرانيين على رأسهم مسعود علي محمودي، ولكنه يعود إلى العالم النووي الإيراني الأول الذي تم إغتياله، ففي كانون ثاني 2007 نجح عملاء الموساد في تسميم العالم الإيراني، بروفيسور أردشير حسين بور (44 عاما)، والذي كان من عباقرة المجال الكهرومغناطيسي في العالم. ويقول الفصل الأول من الكتاب: "عمل حسين بور في مفاعل أصفهان الذي مات فيه في يناير 2007، ولكن بعد أسبوع قال الإيرانيون أنه تعرض للتسمم، ولم ينشروا تفاصيل حول طريقة تعرضه للتسمم، ولكن في مطلع فبراير، نشرت شركة الإستشارات الأمريكية للشؤون الإستخباراتية والأمنية في تكساس – ستارت فور – أن الموساد يقف وراء إغتيال العالم الإيراني، والذي تعرض للتسمم بمواد مشعة". ويقول الكتاب أن الموساد لم يكتفي بإغتيال العالمين الإيرانيين، ولكنه يحارب البرنامج النووي الإيراني من خلال عملاء مزدوجين ووحدات إغتيال وتفجيرات، وشركات وهمية وإغتيالات بحق شخصيات إيرانية هامة، ولكنه مع ذلك يعترف بالفشل في إكتشاف البرنامج السري الإيراني للتزود بالسلاح النووي، حيث يقول: "طيلة سنوات عملت إيران بسرية تامة من أجل الحصول على سلاح نووي، وإسرائيل لم تعلم شئ عن ذلك لقد أنفقت إيران أموالا طائلة وحشدت العلماء، وأسست البنية التحتية السرية، وأجرت تجارب محكمة، وإسرائيل لم تعلم أي شئ عن ذلك". كما يضيف أن إيران نصبت فخا للإستخبارات الإسرائيلية والغربية، وأن هذه الأجهزة سقطت فيه. تشكيك في الجدوى وسط هذه الحالة من التخبط، والتشكيك في جدوى ما قامت به إسرائيل إستخباراتيا لوقف البرنامج النووي والنفوذ الإيراني، سواء بطرق مباشرة مثل إستهداف العلماء الإيرانيين أو التجسس على البرنامج النووي أو حتى التسلل إليه عبر دودة حاسوب، أو بطرق غير مباشرة مثل محاولة إضعاف حزب الله وإستهداف قياداته، إمتد هذا التشكيك أيضا ليصل إلى جدوى ما تقوم به المؤسسة السياسية والعسكرية في إسرائيل، حيث تميل أغلب التحليلات والتقارير إلى نجاح إيران في تحقيق جانب كبير من أهدافها المتعلقة بالبرنامج النووي أو طموحها للهيمنة على المنطقة، مع وجود نزعة تحمل كل من الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك المسؤولية، لأنهم تخلوا عن الخيار العسكري المباشر ضد إيران. . | |
البيت أرسل خبر أضفنا للمفضلة | |
0 التعليقات:
إرسال تعليق
اترك بصمتك وشاركنا برأيك..