البيت | أقلام حرة
2010-10-17 02:21:55 - الكاتب : رتان | |
هل تخيلت مكانا في العالم يتمنى فيه المرء الموت على الحياة، وينعدم فيه الأمل في البقاء إلى درجة اقل من الصفر؟، وهل قرأت يوماً عن أناس يقبعون في أماكن للعلاج لعشرة سنوات دون أن يطرأ تقدم ولو بسيط في حالاتهم الصحية؟، إذا لم تر أو تسمع بتلك الحالات فاعلم جيداً انك لا تعرف شيئاً عن الاحتلال الصهيوني. فهذه النوعيات من الناس التي ذكرت آنفاً موجودة بل وقريبة منا أنها في سجن مستشفى الرملة الذي يدعي فيه الاحتلال كذباً انه يقدم علاجاً لأولئك النفر من الأسرى، الذين شاءت الأقدار أن يصابوا بأمراض خطيرة في السجون، ليلقى بهم في ذلك المكان البائس الذي يفتقر إلى الحياة، ولا ترى فيه سوى وجوه عابسة كالحة، تنظر إليك نظرات حقد وكراهية، وتتمنى لك طول العيشة .. ليس حباً فيك إنما لكي تستمر معاناتك أطول مدة ممكنة، وهم يتلذذون بآلامك، ويضحكون على صرخاتك. مستشفى الرملة.. حيث يتعذب الإنسان وهى يرى نفسه يموت رويداً رويداً، بدون رحمه ولا شفقه، ولا حتى ابتسامة تعطى قليلاً من الأمل للممدين على السرائر السوداء ذات الطابقين التي أكل حديدها الصدأ، ويلتحفون البطانيات القاتمة التي تمتلئ بالغبار والأوساخ، ولا تكاد تغطى كامل أجسادهم الضعيفة الهزيلة التي تملكها المرض، ولم تعدى تجدي معها المسكنات التي تصرف في تلك المستشفى للجميع بلا استثناء، بغض النظر عن المرض الذي يعانون منه. ورغم ذلك فهؤلاء يعتبروا محظوظين لأنهم لم يلاقوا حتفهم قبل أن يصلوا إلى هذا المكان المقيت، حيث عملية النقل من السجن تمتلئ بالأهوال والشدائد، لمن يعانى من أمثالهم، فإذا تقرر نقلك إلى المستشفى فاكتب وصيتك لعلك لا تصل حياً، لأنك ستلقى على أرضية سيارة مصفحة بلا كراسي وهى بمثابة زنزانة متحركة ليس لها نوافذ أو أبواب ولا تطل سوى على وجوه شرسة من الوحدات الخاصة ترافقها الكلاب بل هي لا تختلف عنها شيئاً، تسير بك لثمان ساعات متواصلة وسط الروائح المنتنة المنبعثة من إرجائها،لا تتلقى اى علاج أو مساعدة وإذا أردت أن تصلى أو تقضى الحاجة أو تتناول طعاماً فاعلم انك معرض للضرب والشتم وربما لنهش الكلاب المسعورة، وقد تسوقك الأقدار إلى السفر مع بعض الجنائيين القتلة أو مدمني المخدرات، ولك أن تتخيل جوار هؤلاء لساعات طويلة ، فبالفعل أنت محظوظ أن وصلت سجن الرملة وأنت بكامل قواك العقلية، وتحتفظ بحياتك. وحين تصل تمر على الكشف الطبي الصوري السريع الذي لا يعدو كونه شكلياً لتعبئة التقرير، ثم تلقى في القسم ولو كنت محظوظاً مرة أخرى وجدت لك سريراً فارغاً، وإلا فلتنام على الأرض الباردة ولتتحمل الحشرات والأمراض الجلدية التي ستنهش جسدك بعد عدة ساعات. وان كنت تحتاج إلى علمية جراحية عاجلة، فلا بأس ولكن عليك أن تنتظر لخمس أو ست سنوات كي يصلك الدور، فلا يزال الأسير "منصور موقده" ينتظر منذ 9 سنوات في هذا المكان اللعين لكي يجرى عملية جراحية في البطن تعيد له الأمل في الحياة ، فهو يعاني من شلل نصفي، ولا يستطيع التبول إلا عن طريق بربيش مزروع في فتحة جانبية في البطن، بينما تم زراعة معدة بلاستيكية له بسبب تهتك معدته نتيجة إصابتها بالرصاص حين الاعتقال، ورغم ذلك لا يقدم له الاحتلال سوى المسكنات. و إن أسعفك الحظ وأجريت لك العملية فلا تتأمل كثيراً بنجاحها فالأسير" رائد درابيه" المصاب بالسرطان أجرى ستة عمليات جراحية فشلت جميعها. أين هم دعاة الإنسانية مما يجرى في سجن مستشفى الرملة، ماذا ينتظرون، أن يخرجوا الأسرى في توابيت، وحتى أن خرجوا فماذا سيفعل هذا المجتمع الظالم فقد ارتقى 52 شهيداً في سجون الاحتلال بفعل الإهمال الطبي، فهل قدموا المحتل إلى المحاكم، أم جيشوا الجيوش، أو أرسلوا بعثات التفتيش، لم يحدث من ذلك شئ ، لذلك يحق للاحتلال أن يتمادى في غيه، وان يقتل أبنائنا بالمرض والإهمال والتعذيب. ولكن رغم تلك المآسي فان لكل ظالم نهاية، ومهما طال الزمن وتضاعفت المعاناة، فالنصر حليفنا، لأننا أصحاب حق، والله لن يضيعنا. *مختص في شؤون الأسرى لارسال مواد ratannews@hotmail.com . | |
البيت أرسل خبر أضفنا للمفضلة | |
0 التعليقات:
إرسال تعليق
اترك بصمتك وشاركنا برأيك..