البيت | أقلام حرة
2010-10-17 11:21:55 - الكاتب : رتان_ بقلم حيدر عيد | |
بعد أن فازت حركة حماس الإسلامية بانتخابات 2006 وبطريقة فاجأت الجميع بلا استثناء بما فيهم أعضاء وقيادات الحركة نفسها, تنفس الكثير من النشطاء المحليين والدوليين الصعداء بسبب ما أحدثه هذا الفوز من ضربة لعقيدة بوش في الشرق الأوسط وبسبب كونها اختباراً لمصداقية أطروحات الديمقراطية الليبرالية وتطبيقاتها في (الشرق الأوسط). ما يهمنا في هذا المقال ليست ردات الفعل ومحاولات الانقلاب على التجربة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط من الداخل والخارج ، ولكن التنصل ,ومن الداخل الحمساوي, من التزاماتها تجاه الناخبين ، والذين لم يكن الكثير منهم بالضرورة مؤيد للحركة ، ومدى مصداقية التزامها بالعقد الاجتماعي الذي تلتزم به الديمقراطيات الكبرى من احترام لفردية المواطن وصيانة كرامة الفرد (ليس الرجل فقط بل المرأة أيضا!). من الضروري بداية تكرار ما يجب تكراره من أن وجود الحركة في معسكر المقاومة والتضحيات الهائلة التي قدمها الكثير من قادتها وكوادرها تصب في المحصلة النهائية في صالح القضية الفلسطينية إذا تم استثمارها بشكل خلاق ومبدع. والسؤال هنا هوهل استطاعت الحركة فعلا البناء على هذا الكم الهائل من العطاء ، ليس الحمساوي فقط بل الفلسطيني بشكل عام؟. إن اندفاع الحركة واستعدادها للتعامل مع الأطروحات الأمريكية، وعلى الرغم من التصريحات شبه النارية ، لتثير الاستغراب. فقد تم إرسال رسالتين ، على حدود علمي، للقيادة الأمريكية بعد انتهاء ولاية بوش وتم التأكيد في المرة الأولى من الأمريكان على رفض استلام هذه الرسالة. ما يهمنا في هذا السياق هو مضمون هذه الرسائل ومدى تعبيرها عن تطلعات الشعب الفلسطيني في مناطق 67و48 والشتات. إن مضمون هذه الرسائل، وتصريحات كبار قادة الحركة، هو إبداء الحركة للحكومة الأميركية قبولها والتزامها بحل الدولتين ( أي بإقامةدولة فلسطينية مستقلة على حدود 67). ولكن في نفس الوقت يؤكد الكثير من قادة الحركة عدم التزامهم بالاعتراف بإسرائيل وعدم قبولهم حل الدولتين؟ بمعنى آخر ولتبسيط الأمور، فإن القيادة الفلسطينية المنتخبة من أغلبية ثلث الشعب، أي سكان الضفة الغربية وقطاع غزة ، تعلن التزامها بحل عنصري لا يأخذ بعين الاعتبار حقوق 6-7 مليون لاجئ فلسطيني ولا الحقوق القومية الثقافية ل 1.4 مواطن فلسطيني من سكان إسرائيل . إن الخطر الهائل الكامن في هذا الموقف هو أنه يأتي بعد انزلاق اليمين العلماني المسيطر على دفة قيادة القضية الفلسطينية منذ الستينيات من العام المنصرم ، وبعد أنجزة (اليسار الستاليني) وتحوله إلى مشرعن لمواقف تختلف جذرياً عن المواقف التاريخية التي سجلها عبر تضحيات تم التنصل منها بتبريرات براغماتية لا تصمد في مواجهة أسئلة من المفروض على اليسار أن يكون قادرا على الإجابة عليها بطريقة خلاقة. ومن هنا كــان (الأمـــل) المبالغ به من الكثير من المؤيدين الدوليين للقضية والكثير من النشطاء الفلسطينيين المعاديين لاتفاقيات أوسلو التي أسماها الراحل الكبير ادوارد سعيد (النكبــة الثانية). ان فشل الحركة الفلسطينية في تحقيق الأهداف التي أعلنت عنها وتخليها حتى عما كان يسمى برنامج الحد الأدنى (البرنامج المرحلي) وقبولها بحل عنصري وبامتياز يتنكر للحقوق التاريخية والمكفولة من قبل الشرعية الدولية غير المجزأة ، كان من أهم أسباب نجاح حركة حماس بانتخابات 2006 . ولكــن الحركة ومن خلال قبولها بحل الدولتين أو (دولة فلسطينية على حدود 67 كما يردد) لا تختلف سياسياً مع الحركة الوطنية بيمينها أو يسارها. والســؤال، ما هــو شكل هذه الدولة؟( و هل هناك بديل لدى الحركة لحل الدولتينالسجنين- الذي بات مستحيلا؟). ان تجربة حكم غزة تعطي نموذجاً مصغراً لشكل هذه الدويلة الإسلامية ، كما تعطي الضفة فكرة عن الدولة /البانتوستان المزمع الإعلان عن قيامها في نوفمبر 2011 . يعلم الجميع أن غزة في الفترة الأخيرة شهدت تحولات اجتماعية ذات بعد أيديولوجي من خلال قوانين لم تسن ، ولكن تطبق ، وتستهدف الحريات الفردية وبالذات حرية المرأة: من منع تدخين الشيشة ، وإجبار الطالبات على لبس الجلباب والحجاب، وفرض الحجاب على المحاميات ، ومنع المرأة من الجلوس خلف زوجها خلال قيادة الدراجات النارية ......الخ طبعاً وكل هذا يأتي في إطار ما يسمى"الحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا". وهل هناك نص تقليدي متعارف عليه يمنع المرأة من التدخين على سبيل المثال؟ إن الديمقراطية التي على اساسها تمت إنتخابات 2006 تقوم على اساس ضمان الحريات الفردية، وهناك كم هائل من التصريحات لكثير من القيادات في غزة وخارجها قبل الانتخابات و التي أكدت على احترام هذه الحريات في حال فوزها في انتخابات 2006. من الواضح إذا أن الحركة عاجزة عن فهم أن غزة 2009 قد خلقت واقعاً سياسياً جديداً حيث قامت إسرائيل بإطلاق رصاصة رحمة على حل الدولتين /السجنين العنصري. ان اصرار قيادة الحركة على تبني هذا الطرح والإدعاء أنه تكتيكي ومؤقت لحين تغير موازين القوى والتي تفترض الحركة أنها قد تتغير خلال 10 أو 20 عام ، أي فترة الهدنة التي فرضياً ستبنى خلالها دولة نموذجها المصغر (microcosm)ما يطبق في غزة انما ليدل على غياب رؤية إستراتيجية واضحة لإنهاء الصراع ،رؤية تستفيد من النضالات العالمية ضد الاستعمار، وبالذات النضال الجنوب أفريقي ضد نظام الأبارتهيد البغيض والذي توج عام 1994 بالقضاء على هذا النظام وبشكل مدو. للأسف أنه لا يوجد، ومن خلال متابعتي للعديد من التصريحات لقيادة الحركة, ما يدل على فهم واضح للطبيعة الأبارتهيدية لدولة إسرائيل ولا حتى للأدوات النضالية التي استخدمت من قبل مناضلي جنوب أفريقيا وبالذات دفة توجيه حملة مقاطعة دولية كان بدونها لا يمكن أن نرى نهاية نظام التفرقة العنصرية. وهنا يتضح مدى عجز الحركة عن فهم أهمية دور حركة المقاطعة وعدم الاستثمار وفرض عقوبات(BDS) التي تكتسب زخماً يحسدنا عليه حتى الإسرائيليين أنفسهم كما ثبت من تقرير مؤسسة ريوت (Reut)البحثية والذي قدم لمؤتمر هرتسليا الأخير. لا يوجد أي تصريح لأي مسؤول في الحركة أو حتى في أدبياتها ما يدل على فهم هذا التحرك النضالي والذي تبعاً للتقرير المذكور يفقد (إسرائيل شرعيتها) ويشكل خطراً وجودياً عليها. إن حركة المقاطعة العالمية تسترشد توجهاتها من لجنة المقاطعة الوطنية,وبالذات حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لاسرائيل) (PACBI, بطريقة مشابهة لحركة المقاطعة ضد نظام الأبارتهيد. الفارق أن جنوب افريقيا كان لديها ما يسمى بالجبهة الديمقراطية المتحدة والتي كان تركيز نضالها يقوم على الربط بين المقاومة الشعبية القاعدية والتضامن الدولي ، وبالذات حملة المقاطعة .إن فشل جناحي القيادة الفلسطينية "الوطني والإسلامي" في دراسة هذه التجربة والبناء عليها وربطها بتاريخ المقاومة الفلسطينية يتطلب أيضاً مراجعة نقدية ملحة. وان كان أيضاً من الواضح أن هناك قيادات بديلة لا تستطيع الانتظار .ان تشكيل لجنة المقاطعة الوطنية بشعاراتها الرئيسية والتي أعادت اللحمة لمكونات الشعب الفلسطيني من نضال ضد الاحتلال والاستيطان، والتفرقة العنصرية الممأسسة ضد سكان 48 ، والمطالبة بعودة اللاجئين علامة فارقة في الكفاح الفلسطيني.ان هذه المطالب غير المجزأة تميز الإستراتيجية الفلسطينية الجديدة والبديلة. هل غزة على استعداد للتعاطي البناء و العملي مع هذا التطور الايجابي في النضال الفلسطيني بعيدا عن الرؤية الفصائلية الضيقة و بانفتاح على الاخر الوطني؟. لارسال مواد ratannews@hotmail.com . | |
البيت أرسل خبر أضفنا للمفضلة | |
0 التعليقات:
إرسال تعليق
اترك بصمتك وشاركنا برأيك..