رغم التفاف الجماهير من حوله وتعال أصوات الإعجاب والانبهار انشغل الطفل مصطفى عطا لله “6″سنوات بتطويع طين الفخار اللين بأنامله الصغيرة مشكلا قطعا من الفخار المشغولة بدقة وفن متناهي وكأنه فواخرجى محترف منذ سنوات. مصطفى الذي ابهر جموع الجماهير التي حضرت المهرجان الثقافي”صيف زمان ” الذي نظمه مركز الشروق والأمل وخصص لإحياء المهن التراثية الفلسطينية ¡يعتبر من أصغر صانعي الفخار في العالم العربي بصفة عامة وفلسطين بصفة خاصة فقد احترف مهنة الفواخرجى منذ عامين تقريبا.
ويقول مصطفى من سكان محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة لقد أحببت مهنة الفواخرجى من والدي الذي ورثها عن جدي وكنت دائما أراقبه وهو يعمل وكنت أقلده دون أن يعلم حتى شاهدني في احد الأيام ومنذ ذلك الحين وأنا أرافقه في عمله.
وحدثنا والد الطفل محمود عطا الله قائلا ” ورثت صناعة الفخار من أبي الذي توارثها هو الآخر أبا عن جد وها انا أورثها لابنائى ليحفظوها من الاندثار.
ورغم اعتزازه بمهنة الفواخرجى يهتم عطا الله الأب بتعليم أولاده إلى جانب تعلمهم مهنة أجدادهم مفتخرا بان ابنه مصطفى من أوائل المدرسة.
وعن مدى الاهتمام بالفخار من قبل الناس قال عطا الله: هناك اهتمام بالفخار كتراث شعبي قديم لكن ليس للاستخدام الأساسي كما في السابق موضحا ان التطور الذي لحق بصناعة الأدوات المنزلية ساهم في القضاء على الحرفة حيث حلت الأدوات البلاستيكية والمعدنية وغيرهما مكان الفخاريات¡ مشيرا إلى أنه يتم تصنيع هذه الأدوات البسيطة لتباع في المهرجانات لمحبي التراث ولتستخدم في الديكور.
ويخشى عطا الله من اندثار مهنة الفواخرجى لاسيما بعد غزو المنتجات الصينية التي يستخدمونها الناس للزينة نظراً لقلة تكلفتها مطالباً الجهات الحكومية والمؤسسات الأهلية بضرورة العمل على إنشاء معاهد لتعليم هذه المهن لحفظ الإبداعات التراثية الفنية.
وترى مدير نادي الشروق نجوى الفرا أن الطفل مصطفى الذي يحتضنه النادي ويعمل على تشجيع وتنمية موهبته نموذج حي لتواصل الأجيال مشيرة إلى أهمية احتضان هذه المهن وتشجيع الأجيال على توارثها خوفا من اندثارها.
وتعتبر مؤسسة الثقافة والفكر الحر من المؤسسات الرائدة في مجال إحياء التراث الفلسطيني بإقامتها العديد من المهرجانات والفعاليات على مدار العام ومن أهمها مهرجان الجذور التراثي الذي يعتبر من أهم المهرجان وأضخمها في القطاع.
وتؤكد الفرا أن اهتمام جمعية الثقافة والفكر الحر بإقامة المهرجانات والفعاليات المختلفة لإحياء التراث الفلسطيني لما له من أهمية ترتبط بالتاريخ والجذور والهوية التي تتعرض للتهويد يوما بعد يوم ويزداد الخطر على هذا التراث في ظل المحاولات المتكررة من قبل الاحتلال لسرقة تراثنا وطمس معالمه.
و تعرض التراث الفلسطيني وما زال إلى موجة من السرقات ومحاولات التشويه شأنه شأن الأرض التي نشأ عليها واغتصبها الذين اغتصبوها وادعوا أن كنوز تراثها هي من إبداعاتهم وعطاءاتهم والتراث الفلسطيني منهم براء ذلك أن له أصحابه الشرعيين الذين ينتسبون له وهم لا يجهلونه ولا يتجاهلونه والطفل مصطفى عطا الله دليل حي على أن التراث الفلسطيني باق ما بقى الإنسان الفلسطيني موجود على هذه الأرض.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
اترك بصمتك وشاركنا برأيك..